تاربة اليوم

موقع تاربة اليوم يهتم بالأخبار اليمنية واهم الاخبار العربية والعالمية.

الكتابات واراء مقالات

سراب الهيكلة والقشة التي قصمت ظهر البعير.

كتب / سالم علي بامخرمة
الاثنين 28 أغسطس 2023م

من منّا لم يسمع عن الشيخ أحمد محمد بامعلم .. صال وجال في ربوع الوطن يستحث الناس بخطبه الحماسية وأسلوبه المميز .. وضع بصمته وكتب اسمه بحروف مرصعة بالذهب .. هامة وطنية وقائد ميداني ناجح وخطيب مفوّه .. انجذبت إليه القلوب واقتنعت بأفكاره الجماهير فما أن يزور مدينة أو قرية لإقامة فعالية حتى يتسابق الثوّار لأخذ الصور التذكارية معه افتخارا واعتزازا به.
لم تُغرِه المغريات ولم تهزّه التهديدات .. فدفع الثمن غاليا بسجنه مرة وقطع راتبه مرات عديدة وحرمانه من الحياة الهانئة مع أسرته.
دخلنا معه مرات عديدة ساحة الحرية بالعاصمة عدن فكادت الأرص تهتز ترحيبا به والجموع من حوله ترافقه .. سطع نجمه لكن الأيام كانت تخبئ له الكثير.
ومع تشكيل المجلس الإنتقالي الجنوبي استمد المجلس شرعيته الثورية في حضرموت من مكوّنه – الأكبرُ حينها من بين مكونات وقوى الحراك الجنوبي في حضرموت التي انخرطت ضمن قوام المجلس – وقدّم الكثير من التضحيات حتى يكتمل قوام المجلس وتحمّل في سبيل ذلك الكثير من اللوم والعتب بل والمقاطعة من بعض رفاقه وصولا إلى التهجم عليه .. إذ لم تحتمل هيئات المجلس استيعاب كافة قياداته وأنصاره فذهب في صراع مرير مع قواعده الجماهيرية بثبات قلّ نظيره وصمود تعجز الجبال الشوامخ أن تحتمله فكان قائدا في سكوته كما كان قائدا في حديثه.
وبدلا من الوقوف معه ومساندته وإيجاد حل لأنصاره وقواعده تعرض للخذلان واُستُخدِم عناصره المهمشين لإضعافه دون تمكينهم، بسياسة قذرة وأسلوبٍ رخيص.

ولكن الطعنة الأخيرة كانت قاتلة حين جُوزي جزاء سنمار ..أخذوه لحما ورموه عظما، فتمت إقالته من هيئة رئاسة المجلس الإنتقالي بقرار فردي دون لوائح واضحة أو قرار جماعي، وهو الذي كان ينتظر من الهيكلة أن تنصفه وتضم من تبقى من رفاقه ومن تم تهميشهم وإبعادهم على حساب قوى انتهازية نفعية فتم الرمي به في سلة الإستشارية ضمن قوام يفوق الثلاثمائة.
خيانة للعهد وانقلاب على المبادئ والمواثيق وانتصارا للثورة المضادة والمناضلين الجدد ضمن سلسلة ممنهجة للتخلص من الثوّار ليست عفوية (وهل غير الخيانة تستطيع قهر الرجال؟!!)
انقسم المتابعون لقرار إبعاده من هرم القيادة بين متشفٍ ومنتصرٍ لنفسه من المهمشين وبين غاضبٍ يخفي غضبه ويخاف أن يخسر موقعه ومصالحه وبين متابعين لا يعلمون خفايا أروقة السياسة.
لله درك يا أبا هاني لم يكن من خطئ ارتكبته سوى طيبتك الزائدة وصدق نواياك .. سلّمت الجمل بما حمل، ولم تترك لنفسك فرصة للعودة والرجوع أو الإنقلاب فكان هكذا جزاؤك.
جريمة لا تغتفر لم تكن بحق العميد بامعلم فقط ولكن بحق حضرموت فلو لم يكن حضرميا ماكان هكذا القرار وماكان هكذا الجزاء وماكانت هكذا النهاية، مهما تكن الأعذار والمسببات، تمنيت أن يعامل معاملة ابن أبين (علي الشيبة) ويصدر به قرارا خاصا مستشارا “إن كان ولابد من الإبعاد” حفظا لجهده وتضحياته وشتان بين الإثنين.
هي رسالة مفادها أن لا خط أحمر ولا قيادة لحضرموت يمكن أن يتكئ عليها القواعد والأنصار وأن الجميع تحت بند الولاء والطاعة مصيرهم .. هذا رأسنا فما بالك بمن هو دونه .. هذه الهيكلة المنتظرة ليس بدءا بإزاحة الثوار من الهيئة التنفيذية بوادي حضرموت، وغيرهم من المناضلين واستبدالهم بالمناضلين الجدد حملة شهادات الطاعة والولاء، وهاكم أبا هاني جاء دوره، فمن بعده ؟!!
مرحلة جديدة فتح بابها بامعلم ولن يستطيع إغلاقه .. وكما قضّ مضاجع الإحتلال بخطبه سيقض مضاجع خصومه اليوم بصمته .

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *