تاربة اليوم

موقع تاربة اليوم يهتم بالأخبار اليمنية واهم الاخبار العربية والعالمية.

مقالات

الغشاش المحترف؟؟

كتب / عبدالله صالح عباد
السبت 8 يوليو 2023

الإنسان يعيش في هذه الدنيا وأمامه طريقين كما قال ربنا تبارك وتعالى في كتابه العزيز : [ وَهَدَيْنَاهُ النَّجْدَيْنِ ﴿١٠﴾ ] سورة البلد . فالنجدين هما : طريق الخير وطريق الشر . فأنت أيها الإنسان ماذا تريد من طريق تسير فيه في حياتك ؟ . فاختر ما شئت إن كنت إنسانا صالحا مطيعا لأوامر الله ستسلك طريق الخير . وإن كنت إنسانا همك كسب المال ولا تبالي من حلال أم من حرام ستسلك طريق الشر . وديننا الإسلامي هو دين السلوك والأمانة والانضباط والورع والنصيحة وعدم الغش في أي مجال . ونحن في هذا المقال نسلط الضوء بصورة موجزة حول ظاهرة الغش وليس المقصود بها ظاهرة الغش في الاختبارات فحسب وإن كان ذلك لا يجوز . ورسولنا صلى الله عليه وسلم يقول في الحديث المشهور الذي يحفظه الصغير قبل الكبير : ( من غشنا فليس منا ) رواه مسلم . فالغشاش هو كل من يلتجئ إلى طرق غير مشروعة من أجل الكسب المادي فهو لا يهمه شيء إلا المال هل من مزيد فلا يردعه ضمير ولا دين لأن الشيطان زين له سوء عمله . قبل مدة اشتريت علبة شاهي ولا تمضي دقائق ويبرد ما فيها بسرعة وقد أخبرني بذلك الأهل ، وبعد الفحص لها لمحت شيئا غريبا بداخلها ليس كمثل العلب فأحضرت بعض الأدوات وفكيت العلبة فإذا بي أتفاجأ أن ما بداخلها غرشة تشبه علبة الجام وليس الزجاج الخاص الحافظ . ولكن ما رأيته ذلك العمل المحكم المتقن في كيفية عمل العازل القوي والربلة في أعلى العلبة والمنظر الجذاب ولكن للأسف كانت الجودة غش بامتياز فلا ندري أي مصنع أو أيادي عملت هذه الأفعال من داخل البلاد أو من خارجها ، وقد بيعت كمية من هذه العلب في الأسواق الشعبية وياليت البائع عندما يكتشف شيء معيب في بضاعته فعليه إيقافها وإرجاعها إلى صاحبها ولكن المصيبة إذا كانوا كلهم جميعا في الهواء سواء ونحن لا نتهم أحد . فالضحية هو المواطن المسكين الذي ربما يبحث عن البضاعة الرخيصة وهو معذور لأن جيبه لا يسمح بشراء البضاعة الغالية لأن الراتب هزيل ضعيف لا يقوى على فعل شيء أمام الارتفاع الجنوبي في الأسعار والحكومة لا تستطيع زيادة رواتب الموظفين ولا ندري سبب عجزها وسكوتها على ما يحصل والأسعار والصرف يتسابقان في من يحقق أرقاما أكثر والحكومة كأنها في نزهة وتتفرج على مباراة وتبهذل بالشعب كما بهذل مانشستر ستي ريال مدريد في دوري الأبطال . إنه لأمر محزن لما وصل إليه حال البلاد . ومما يؤسف له أكثر أن اليمن يستقبل كل شيء هت ما لديك الباب مفتوح على مصراعيه لك ولبضاعتك أيها التاجر الغشاش ولأن الرقابة معدومة وأصبحت بلاد الحكمة اليمانية مثل الزبالة نقولها بحسرة والألم يعصر قلوب المخلصين أصبحت تستقبل الصناعات الرديئة وربما خلت من أي جودة ، ونسمع العبارة الشهيرة ( أنت في اليمن ) اعمل ما شئت ، لماذا أنتم أيها الناس تتلفظون بهذه العبارة شوهتم البلاد دمرتوها ، وإن كان العتب على المسؤولين الذين تركوا الحبل على الغارب فأصبح من في رأسه شيء يعمله لأن الراعي غاب وكما يقول المثل : ( إذا غاب الهر العب يا فأر ) فلعبت فئران الفساد والغش كما شاءت والله المستعان وإليه المشتكى .
إلى من يغش : ألم تسمع أذناك يوما بقصة بائعة اللبن مع بنتها في عهد الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه عندما أرادت الأم أن تخلط اللبن بالماء قالت البنت : هذا غش لا يجوز فقالت لها الأم : إن عمر لا يرانا فقالت البنت لأمها : إذا لم يرانا عمر فإن رب عمر يرانا . هذه القصة فيه دلالة على صدق المراقبة لله فكان الإخلاص والإتقان في العمل ، فإذا ضعفت المراقبة لله فحدث ولا حرج سترى العجب العجاب والأعمال القائمة على الغش فلا حول ولا قوة إلا بالله . فالصبر الصبر ، والدعاء فهذا هو السلاح الذي بأيدينا فنسأل الله أن يفرج عنا والأمل في الله كبير في إصلاح الأحوال . فالغاش لا بد من التصدي له والتحذير منه والتشهير به ليس مرة بل مرات ومرات . فهذه بلوى عمت وطمت .
إن أزمتنا اليوم هي أزمة خلق وإخلاص فإذا ضعف هذا ماذا ننتظر؟ للأسف نقولها من خلال هذه الأفعال والسلوكيات الخاطئة اليوم قد نرى جيل الغد يحملون شهادات ( فنون الغش ) بامتياز . فاليوم للأسف البالغ ترى مدرّس بلا أمانة ، دكتور بلا إنسانية ، مهندس بلا شفقة ، موظف بلا مروءة ، ومسؤول بلا رحمة ، والنتيجة مثل هؤلاء وغيرهم مزيدا من الفساد المدمر للبلاد والعباد ، وهاهي البلاد تغرق في شباك الفساد من رأسها إلى رجليها ، ليس كلهم بل فيهم النبيل والطيب وصاحب خلق ولكن الذي نشاهده من مخالفات لا يخفى على أحد . للأسف لقد ضاعت الأخلاق .
إن مجتمع المسلمين يجب أن يكون مجتمع يغمره الحب ، وتسوده النصيحة ، ويغلب على أفراده البر والصدق والوفاء ، ومن هنا لا مكان فيه لغشاش مخادع مراوغ غدار .
فالوطن في انتظار الرجال الذين لا بد وأن تنهض اليمن على أيديهم وعسى أن لا يطول الانتظار .

اترك ردا

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *